اليوم العالمي للمعلم..باي حال عدت ياعيد رضا شهاب المكّي

Image
  تقترن الاعياد عادة بالفرحة والتسامح وبكافة مظاهر الاحتفال كلما تعلق الامر بتخليد الذكريات الوطنية والدينية فتلبس القرى والمدن حلل الزينة وينتشر الاطفال في ساحات اللعب والمرح ويتجمع الكبار نساء ورجالا في ساحات الخطابة ومنابرها في دعوات التاصيل والاعتراف بالجميل وتخليد القيم الانسانية في الوحدة والتضامن بين افراد الشعب الواحد وبين شعوب الامة وبين الامم…. كما تقترن هذه الاعياد بالتوقف عند حال الامة وواقعها وما تنشده من رفع للتحديات واستعداد لتحقيق الرهانات… اما لدى العرب وبعض المسلمين فالامر مختلف, اذ اصبح العيد لديهم فرصا متكررة للتغني بالمكاسب ومناشدة الحكام الخلود في الحكم, كما اصبح المنبر الديني عندهم فضاءا للحكم على عقيدة الناس, وفضاءا للتفرقة والمنازعات الطائفية بل اصبح موعدا لتنفيذ الاعدامات والاغتيالات فهل يحق لهؤلاء الحديث عن العيد؟ وهل مازال للعيد معنى عندهم ماعدا الطبل والمزمار والمشانق؟ اما المعلم , هذا الانسان الفريد, هذا الانسان الخطير بحكم مهامه ووظائفه الانسانية الخالدة والتي جمعت بين العلم والاخلاق على مدى الدهر, هذا الانسان الذي يحول الانسان المادي في المجتمع الحقيقي الى كائن معنوي, الى عضو في الدولة, الى مواطن متحرر من قيود الانسان المادي, هذا الكائن المعنوي الذي يحرر الدولة من امتازيتها, وطائفيتها, وعنصريتها, وطبقيتها, ويجعل منها دولة الاكتمال السياسي وشرط التحرر الانساني للانسان. هذا الهرم, نراه يقبع الان فعليا في اسفل السلم الاجتماعي ويُنعت باقبح الالفاظ سخرية. انا اعجب من مجتمع يتغنى بجهله, ويسعد بسقوط اخلاقه. انا اعجب من دول العرب وبعض المسلمين حين تقيم الاعراس وتفسد المال في الماكل والمشرب, وحين تصنع البطاقات التي تشبع المعلم وتغدق عليه حلو الكلام ويانع الصفات اعترافا له بجليل الخدمات وتقديرا لصبره وكفاحه وشقائه اليومي. ولكن, وبمجرد انقضاء زمن الحفلة, يعود المسؤولون الى رشدهم فيبادرون باصدار التعليمات المهينة وتكثيف زيارات التربص المذلة وينتشر جمهور من التربصين بالمعلم في مختلف المدارس والمعاهد ومراكز التكوين  » هذا بناقوس يدق وذا بمأذنة يصيح………..كل يمجد دينه ليت شعري ما الصحيح.  » وكل إناء بما فيه يرشح »أنا اعجب من فئة تدعي الخبرة والعلم وما وراء العلم وما وراء العرش, تحمل اسفارا وتفرض اوهاما دونما علم بحقيقة المدرسة وحقيقة التعليم وحقيقة المعلمين ودونما تشريك للمعنيين بشؤون التربية والتعليم وعلى راسهم جمهور المعلمين, الفاعلين الحقيقيين. ان هذه الفئة الطفيلية لا تسعى فقط الى ارضاء اصحاب النعمة والمنة وتلميع صورهم, بل تتعب في الاجهاض على ما تبقى من المنظومة التربوية وما تبقى منها من صمود في وجه القيم المضادة, قيم النفع, والانانية الفردية,وجبروت سوق العمل وعنجهيته…انا اعجب من ناسك متعبد يجمع المال والنفوذ لنفسه ويرفع للمعلمين شعار العفة والزهد. ان شعبا يرى المعلم كما تراه الدول لدى العرب وبعض من مسلميها هو شعب بدون معلم واذا لم يكن للشعب معلم انتفى سبب العيد وشرطه لذا لا يجوز الاحتفال به بل الحاجة , كل الحاجة هي البحث في اسباب هذ الفقيد الجلل. فاذا ذهب المعلم ذهب معه العلم والاخلاق « انما الامم الاخلاق ما بقيت فان ذهبت اخلاقهم ذهبوا »….لا يُعيّر المعلم بثمن فكفوا عن النعم والمنن…لن انسى معلمي ولن انسى اني كنت معلما.

Laisser un commentaire